تحليل | على أنصار غوارديولا الاعتراف بعبقرية أنشيلوتي
يستعد كارلو أنشيلوتي لكتابة تاريخ جديد، حال حقق لقب دوري أبطال أوروبا مساء اليوم السبت الموافق لـ1 يونيو/ حزيران 2024، مع ناديه ريال مدريد الإسباني، على حساب بوروسيا دورتموند الألماني في ملعب ويمبلي، حيث سيعزز مكانته بوصفه الأنجح على الإطلاق في هذه البطولة.
أنشيلوتي، المدرب الوحيد في التاريخ الذي فاز بجميع الدوريات الأوروبية الخمسة الكبرى (الدوري الإيطالي، الدوري الإنجليزي الممتاز، الدوري الفرنسي، الدوري الألماني والدوري الإسباني)، سيصل للرقم 5 في أمجد المسابقات الأوروبية كمدرب، ليكون سيد الدوريات الكبرى والبطولة القارية الكبرى نفسها.
في عالم أصبح معقدًا بالتفاصيل التكتيكية وفلاسفة كرة القدم، لا يحظى كارلو أنشيلوتي -رغم تاريخه ونجاحاته- بالتقدير الذي يحظى به أقرانه من بعض المدربين، وعلى رأسهم بيب غوارديولا على سبيل المثال.
البعض -من أنصار غوارديولا- يصفون أنشيلوتي بأنه مدرب "فوضوي محظوظ"، وليس لديه الحنكة التكتيكية أو أسلوب أو حتى فلسفة وهوية، مثل مدرب مانشستر سيتي.
لا يمكن التشكيك في قيمة غوارديولا وبراعته التكتيكية وتأثيره، فتلاميذه الآن في كل مكان.. أرسنال شعر أن الطريقة الوحيدة للتنافس معه هي التعاقد مع أحد أتباعه، وهو ميكيل أرتيتا. ليفربول وبعد رحيل يورغن كلوب تعاقد مع أحد المدربين المعجبين بفلسفة غوارديولا، وهو آرني سلوت.
هذا الأسبوع منح بايرن ميونخ وظيفة المدير الفني لفينسنت كومباني، المدرب الذي هبط مؤخرًا ببيرنلي ويبدو أنه يمتلك مؤهلًا واحدًا فقط: أنه لعب تحت قيادة بيب غوارديولا. وفي الوقت نفسه، من المقرر أن يقوم تشيلسي بتعيين تلميذ غوارديولا ومساعده السابق، إنزو ماريسكا.
هذا جعل البعض يعتقد أن غوارديولا بمثابة "مدرسة"، بل ذهب البعض للتقليل من شأن أنشيلوتي بأنه مدرب "محظوظ لا أكثر". لكن أنشيلوتي نفسه لديه تفوق واضح على غوارديولا في تاريخ المواجهات في بطولة دوري أبطال أوروبا، رغم أن تشكيلات غوارديولا عادة ما تكون أقوى.
عبقرية أنشيلوتي التكتيكية
الحديث عن أن أنشيلوتي يفتقد للعبقرية التكتيكية هو هراء وانتقاص من تاريخ مدرب رأي شيئًا من كاكا في جود بيلينغهام، ووظفه بالطريقة التي وظف بها النجم البرازيلي السابق، واللاعب الإنجليزي نفسه أكد أن سبب تألقه يعود إلى "الحرية التي منحها له مدربه".
قام أنشيلوتي أيضًا بابتكار نسخة "الرجيستا الأنيقة" في أندريا بيرلو، بدوره العميق كصانع ألعاب، حيث وصفه بيرلو بأنه غير مسيرته على الإطلاق للأفضل، في طريقة 4-4-2 الماسة في فريق ميلان التاريخي.
أنشيلوتي هو أول من حول رونالدو بشكل فعّال إلى قلب هجوم في طرق لعبه مع ريال مدريد، من خلال تعديل تشكيلته، وحرره من أي واجبات دفاعية. وفي بارما رفض فرصة التوقيع مع روبرتو باجيو لأنه يعتقد أنه لا يناسب طريقة لعبه وأسلوبه التكتيكي.
أنشيلوتي مدرب يعرف كيف يدير فريقه، كيف يكبل الخصم، كيف يلعب على نقاط قوته، كيف يرمي له الأوراق ويكسبها. كروس قال عن تكتيكاته: "لديه خطة تكتيكية للتعامل بشكل أفضل مع كل منافس، وهذا هو الجانب من العملة الذي غالبًا ما يمر من دون أن يلاحظه أحد".
وبهذا المعنى، يعد أنشيلوتي بمثابة حالة خاصة في عصر فلاسفة كرة القدم والتكتيكيين، لم يقم قط بتنمية أيديولوجية، مثل غوارديليسمو أو ساريزمو.
يقول أنشيلوتي عن أسلوبه: "كرة القدم هي شغفي، ولكني أحاول إدارة الأمور بأبسط طريقة ممكنة. كرة القدم بالنسبة إلي ليست معقدة، إنها بسيطة، حتى في الاستراتيجية. التكتيكات مطلوبة، لكن هناك مساحة للحرية والإبداع".
وبالتالي إن كان غوارديولا "مدرسة" فأنشيلوتي "جامعة" بالنسبة للمدربين، ومثال لمفهوم "المدير الفني"، فالإدارة هي القيمة التي تعظم قيمة أنشيلوتي، والإدارة الفنية تختلف عن فكرة مجرد مدرب "تكتيكي" بارع.