بعد رحيل ساوثغيت.. نجاح إنجلترا مضمون بشرط واحد

تحديثات مباشرة
Off
تاريخ النشر:
2024-07-18 18:27
غاريث ساوثغيت المدير الفني السابق لمنتخب إنجلترا (Getty)
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

واجهت إنجلترا خيبة أمل جديدة بعدما خسر منتخبها الأول نهائي يورو 2024 أمام إسبانيا ليصبح النهائي الثاني على التوالي الذي يخسره منتخب الأسود الثلاثة في هذه البطولة التي كانوا قريبين من تحقيق لقبهم الأول فيها، تحت قيادة المدرب الوطني غاريث ساوثغيت.

الإنجليز كانوا قريبين كذلك من إحراز لقبهم الثاني في كأس العالم في نسختي 2018 و2022 وذلك عندما وصلوا إلى نصف النهائي وربع النهائي على الترتيب، وتفاصيل صغيرة هي التي حالت بين بلوغهم المباراة النهائية.

إقالة ساوثغيت

النتيجة كانت إقالة غاريث ساوثغيت في النهاية، وهو الرجل الذي عانى من انتقادات شديدة، خاصة على مستوى الأداء في النسخة الأخيرة من اليورو؛ رغم تقدير كثيرين للنتائج التي حققها مع المنتخب الذي لم يكن يعرف طريق المنافسة أصلًا على الألقاب لفترات طويلة، فمنذ 1996 وحتى 2018 لم يكن قد وصل إلى نصف نهائي أي بطولة كبرى.

ساوثغيت كان قد قاد المنتخب لأول نهائي خارج الأراضي الإنجليزية، لكن في نفس الوقت قدّم نسخة رديئة الأداء مقارنة بما قدمه الأسود الثلاثة في يورو 2020 والتي تمكنوا فيها من تقديم عروض أقوى متضمنة إقصاء منتخب ألمانيا من دور الستة عشر.

ورغم أن ساوثغيت يُحسب له تلك النتائج المميزة، فإن أغلب الانتقادات التي صاحبت ذلك تبدو مبررة جدًا، فالرجل كان بإمكانه استغلال التشكيلة التي يمتلكها بشكل أفضل مما رأيناه.

نتائج الإنجليز ليست صدفة

صحيح أن ساوثغيت كان مميزًا في النتائج وموفقًا فيها كذلك، إلا أن نتائج الإنجليز في السنوات الأخيرة ليست صدفة، والحديث هنا ليس عن مستوى الإدارة الفنية للمنتخب الأول، بل عن نتائج عمل دؤوب دار في الأروقة الإنجليزية لأكثر من عشر سنوات.

البداية كانت من الاتحاد الإنجليزي الذي استلهم تجربته من ألمانيا وإسبانيا اللذين ظهر معهما الكثير من المواهب في السنوات الخمسة عشرة الأخيرة، ثم لحق بهم الفرنسيون والبلجيكيون قبل أن يتراجع الألمان قليلًا.

عمل الاتحاد الإنجليزي على أربعة أصعدة، أولها زيادة عدد ممارسي اللعبة ما يزيد من فرص العثور على المواهب، وثانيها إرسال عدد كبير من المدربين المحترفين في كل المناطق الإنجليزية لرفع كفاءة المدربين المحليين هناك لضمان قدرتهم على تحديد أفضل المواهب ورفع مستواها.

ثم توجه الاتحاد الإنجليزي إلى المرافق بعدما استثمر 48 مليون جنيه إسترليني -أضافت عليها الحكومة الإنجليزية 8 ملايين أخرى- لإنشاء 100 ملعب جديد وتطوير مرافق 2000 آخرين، علاوة على إنشاء 30 مجمعًا كرويًا جديدًا في مدن إنجلترا الرئيسة، وآخر تلك النقاط كان استخدام وسائل تكنولوجية أكثر حداثة في التدريب مع دمج كرة القدم في المجتمعات.

كل هذا قد يبدو عاديًا لك، لكن الاتحاد الإنجليزي وضع في أثناء ذلك قاعدة تجبر أندية البريميرليغ على وجود عددٍ كافٍ من اللاعبين الإنجليز عبر قاعدة الـ home grown والتي تنص على وجود 8 لاعبين إنجليز من أصل 25 لاعبًا في قائمة كل نادٍ من اللاعبين من فوق الـ21 عامًا.

وقبل أن تعترض على عدم وجود هذا العدد من اللاعبين الإنجليز في كل نادٍ، فإن مصطلح الـ home grown لا يفرض أن يكون اللاعب إنجليزيًا بل يشترط أن يكون اللاعب مسجلًا لثلاث سنوات أو أكثر في نادٍ إنجليزي أو أكاديمية إنجليزية قبل وصوله لعامه الـ21، لكن المنطقي أن يكون أغلبهم من الإنجليز. وحتى فكرة عدم اشتراط جنسيتهم الإنجليزية من شأنه أن يمنح الناشئ الإنجليزي فرصة الاحتكاك بأفضل المواهب مع طبيعة أن يكون للإنجليز الأغلبية بالنظر للسن الصغيرة للاعبين الذي لا يمكنهم الوصول إلى إنجلترا إلا في سن كبرى.

إنجلترا أقل عنادًا وأكثر انفتاحًا

هنا أتى دور الأندية لدعم ما يخطط له الاتحاد الإنجليزي الذي طور من نظام EPPP لدعم المدربين والناشئين، فالأندية باتت مجبرة على الاهتمام بالناشئ الإنجليزي، لكن التطور لم يتوقف عند هذا الحد.

فمع الأموال المتدفقة من كل حدب وصوب إلى البريميرليغ، بات الأخير وجهة ومقصدًا لكافة اللاعبين من كل أرجاء العالم، إذ أصبح العنصر اللاتيني موجودًا بشدة في الدوري الإنجليزي الممتاز على العكس من فترة التسعينيات وبداية الألفية والذي كان قاصرًا في أغلبه على اللاعبين البريطانيين والآيرلنديين وفي أفضل الأحوال على بعض الفرنسيين والهولنديين.

استفادت الأندية الإنجليزية وكرتها بشدة من وصول اللاعبين البرازيليين والأرجنتينيين وتقبلهم أكثر للانخراط في المجتمع الإنجليزي عكس أجيال سابقة مذهلة من هؤلاء اللاعبين الذين لم تطأ أقدامهم الملاعب الإنجليزية أو فشلوا فيها.

لكن الخطوة الكبرى جاءت عندما غزا الإسبان ملاعب إنجلترا لاعبين ومدربين، ووقتها استفادت الكرة الإنجليزية كثيرًا من دخول أساليب لعب إسبانية جديدة على كرتها أو في أقل الحالات لدى الإسبان جزء ليس بالهين من الفضل فيها، وهي نفس الأساليب التي قهرتها وجعلتها تتراجع كثيرًا في المسابقات الأوروبية لسنوات، لكننا الآن بتنا نرى كثيرًا من الأندية الإنجليزية وهي تلعب بأساليب استحواذ تسيطر فيها على الكرة وتهيمن فيها على الملعب بشكل أكبر، وذلك بفضل مدربين إسبان مثل بيب غوارديولا وأوناي إيمري أو ميكيل أرتيتا أو متأثرين بالإسبان أو استفادوا منهم وانتقلوا إلى مستوى تدريبي أعلى من خلالها مثل يورغن كلوب ودي زيربي.

المستقبل بعد ساوثغيت مضمون بشرط

ما هو واضح لكاتب التقرير أن مستقبل المنتخب الإنجليزي شِبه مضمون (وُضِعت كلمة "شبه" إذ ما من شيء مضمون في كرة القدم) ومليء بالنجاحات وأنه في طريق لتحقيق لقب قاري أو عالمي في السنوات العشرة القادمة بحد أقصى، لكن بشرط الاستمرار على نفس النهج التخطيطي لضمان تدفق المزيد من المواهب، فشخصية اللاعب الإنجليزي باتت أفضل، وانفتاحه على كرة العالم بات أكبر.

إذنْ؛ ما الشرط؟! في كثيرٍ من البلاد تبدو المشكلة أعمق من مجرد تغيير المدرب، لكن مع منتخب إنجلترا كل ما عليهم هو التفكير في مدرب يمكنه أن يلعب بما يتناسب مع قدر وشخصية من يمتلكهم من لاعبين غالبيتهم اعتادوا أن يلعبوا بطرق أكثر سيطرة وهيمنة مع أنديتهم، وذلك بعد استقالة ساوثغيت ورحيله عن المنصب.

قد لا يكون الحل في مدرب إنجليزي مثل ساوثغيت (53 عامًا)؛ إذ لا يبدو هناك من هو قادر على مجاراة المدربين الأوروبيين الآخرين في الوقت الحالي، ولمَ لا؟! فقد كسر الإنجليز القاعدة بالفعل مع سفين غوران إيريكسن، وعليهم أن يكسروها مجددًا، وذلك حتى يظهر من اللاعبين الإنجليز المستفيدين من خطة التطوير هذه من هو قادر على أن يكون مدربًا إنجليزيًا عظيمًا يدرك معطيات كرة القدم الحديثة بعدما اكتفى جيلٌ مميز من اللاعبين مثل بول سكولز وريو فيرديناند بالجلوس في الإستوديوهات أو امتلاك الأندية كدافيد بيكهام أو الفشل الذريع كمدربين حتى الآن كما حدث مع ستيفن جيرارد وفرانك لامبارد.

شارك: