اهدى يا زول.. مباراة وتزول

2023-03-28 22:07
نادي الأهلي المصري خلال استعداده لمواجهة الهلال السوداني (Facebook-AlAhlySC)
علاء عزت
كاتب رأي
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

أيام كثيرة عشتها غارقا في حالة من الاندهاش أكثر من الحزن، وأنا أتابع هذا التناول الإداري والإعلامي الغريب الذي وصل إلى حد الجنون من نادي الهلال السوداني قبل مواجهة شقيقه الأهلي المصري، مساء السبت المقبل، باستاد القاهرة في مسابقة دوري أبطال أفريقيا، وكيف أن إدارة نادي الهلال ومن خلفها ماكيناتها الإعلامية، نجحت مع الأسف في أخذ المواجهة من العشب الأخضر إلى ساحات الحروب.

وكلما اقترب موعد المباراة زاد التصعيد والتهديد والوعيد من الجانب الهلالي حتى وصل الأمر ذروته الإثنين الماضي، عندما أصدر النادي الأزرق بيانا إلى الاتحاد الأفريقي "كاف" يطالب بإقامة المباراة من دون حضور جماهيري، ثم يعود ويهدد، وفي نهاية البيان يحذر من وقوع كارثة، والمؤسف أن النادي تعمد في بيانه استدعاء ذكرى كارثة جماهيرية مصرية دون غيرها، ألا وهي كارثة استاد بورسعيد، التي خلفت سقوط 74 قتيلا من أنصار جماهير الأهلي، والمتابع للمشهد عن قرب يزيد اندهاشه؛ لأنه لن يرى ولن يرصد أي رد فعل على الجانب الآخر من أرض المعركة التي فرضها الهلال.

ورأيت أقلام الكتاب الرياضيين في الصحف والمواقع الرياضية السودانية وقد تحولت عمدا إلى ما يشبه أسنة الرماح، تصوَّب نحو جسد الأهلي، واتهامه أنه الفتى المدلل للاتحاد الأفريقي، وأنه نجح في إقامة مباراة الفريقين في الخرطوم والتي انتهت بفوز الأزرق السوداني بهدف دون رد خلف أبواب مؤصدة، وأن الاتحاد الأفريقي دائما وأبدا ما يجامل الأهلي ويعده ابنه المدلل، ولم يتوقع أحد أن الهلال خاض بعدها مباراته الحاسمة أمام صن داونز الجنوب أفريقي في معقله "الجوهرة الزرقاء" وسط مدرجات صامتة أيضا، ولم يتهم بطل جنوب أفريقيا بالفتى المدلل للاتحاد الأفريقي، على الرغم من أن رئيس الاتحاد الأفريقي كان رئيسا لصن داونز بالفعل قبل سنوات، وواصل الإعلام الرياضي السوداني العزف على كل الأوتار التي من شأنها إشعال الأجواء وجعل الجماهير تدق طبول الحرب، حتى وصل الأمر إلى فتح ملفات قديمة والحديث عن أن الهلال حُرم من التتويج بطلا لأفريقيا العام 1987، بعد مؤامرة أحيكت لصالح الأهلي المصري. 

ونجحت إدارة الهلال في تصدير أزماتها مع الاتحاد الأفريقي، وجعلت الكثير يظن أنها تتعرض لمؤامرة من الداخل قبل الخارج، ناهيك عن رغبة إدارة الهلال في إثبات قوتها أمام جماهيرها في ظل حالات التربص بها من مسؤولين من إدارات سابقة بالنادي.

على الجانب الآخر من النهر، نهر النيل، نجد الأهلي والإعلام المصري قمة الالتزام، وفي أقصى درجات ضبط النفس، حتى أن الإعلام الأحمر ترفع تماما بتعليمات من إدارة ناديه عن الرد على كم الافتراءات والأكاذيب التي وردت على لسان مسؤولين بالهلال أو روجت لها وسائل إعلامية سودانية، وخرجت كل الدعوات تطالب بالهدوء وعدم تعكير صفو العلاقات الأبدية والتاريخية بين شعبي وادي النيل، شعبين كانوا قديما شعبًا واحدًا.

والحقيقة أن الدروس الثقيلة التي تعلمها الشعب والإعلام المصري بعد أزمة الجزائر التي خلفتها مباراة بين منتخبي البلدين في "أم درمان" السودانية، ما زالت حاضرة بقوة في عقول الإعلام المصري.

وما زلتُ حتى الآن لا أتفهم لماذا تم عمدًا تحويل مباراة إلى حرب، وأقول للأشقاء في السودان: "اهدي يا زول.. مباراة وتزول".

شارك: