الكرة المصرية.. وإعلام "عم بحة"!
وكأن القدر كتب على الكرة المصرية أن تتحول ملاعبها إلى ما يشبه خشبة مسرح كبير، مخصص لعرض روايات كوميدية هزلية موسمية، وروايات تدعو للبكاء أكثر من الضحك على ما آلت إليه إدارة الكرة المصرية.
وآخر تلك المهازل، التصريح الكوميدي والهزلي من رئيس نادي الزمالك، المعزول، مرتضى منصور، الذي فاجأنا بعد الهزيمة القاسية التي مني بها الفريق الأبيض "المهلهل" أمام غريمه الأهلي برباعية في قمة الخميس الماضي بالتأكيد والجزم أن الهزيمة يقف وراءها الجن والسحرة، واستشهد بارتطام كرتي لاعبيه أحمد سيد زيزو والسنغالي إبرهيما نداي في الشوط الثاني من القمة "126 " بقائم وعارضة المرمى الأيمن باستاد القاهرة، وهو نفس المرمى الذي ردت عارضته قذيفة لاعب الأهلي مجدي أفشة في الشوط الأول، وهو ما يعني أن هناك سحرًا وعملًا سفليًا دفن تحت هذا المرمى تم وضعه بمعرفة مدير الكرة بالنادي الأهلي سيد عبد الحفيظ، متناسيًا أن الأهلي سجل 3 أهداف في هذا المرمى خلال الشوط الأول، وأن فريق ناديه نفسه سجل هدفًا في الشوط الثاني.
ولمزيد من إطفاء الإثارة الدرامية على تصريحاته الهزلية، كشف رئيس نادي الزمالك عن صورة لرجل يبدو من الوهلة الأولى أنه "ريفي" بسيط من إحدى قرى محافظة الفيوم، 100 كيلو غرب العاصمة القاهرة، وهي المحافظة التي ينتمي إليها مدير الكرة بالأهلي، مؤكدًا أن هذا الرجل يدعى رجب "بحة" وهو من قام بأعمال السحر ضد نادي الزمالك، مؤكدًا أنه تلقى رسالة من صديق "بحة" تؤكد تورطه في هذا العمل الإجرامي.
والحقيقة أنني لم أتوقف أمام هذا التبرير "الكوميدي" من رئيس الزمالك، لأني وغيري اعتادوا على تصريحاته بشأن الجن والعفاريت من وقت "جامايكا" وهو الاسم الذي أطلقه على جن، زعم أن حارس الأهلي ومصر الأسطوري المعتزل، عصام الحضري، كان يستعين به في المباريات.
وعاشت جماهير الكرة المصرية قبل سنوات في قصص العفاريت والجن طويلًا على وقع روايات خيالية رواها مسؤولون ومدربون ولاعبون سابقون، وكيف أنهم كانوا ضحية للأعمال السفلية، وانتقام الجن والعفاريت منهم ومن أنديتهم، وكيف أنهم استعانوا بمشايخ ودجالين لفك تلك الأعمال.
ونمت وأنا أظن أن ما رأيته ومعي الملايين على شاشة قناة الزمالك بعد منتصف الليل كان مجرد تصريح من رئيس نادٍ يحاول تبرير إخفاق فريقه أمام غريمه وانتهى الأمر عند هذا الحد، ولكن ما إن استيقظت وجدت هاتفي المحمول يصرخ على طريقة بائعي الصحف قديمًا "اقرأ الحادثة"، وكان هاتفي يطالبني بأن استيقظ من سباتي لأعرف تفاصيل قضية "عم بحة" وهو اللقب الذي أطلقه الإعلام على الرجل -الغلبان- الساحر الشرير، وذهلت عندما رأيت كم الفضائيات والمواقع الرياضية والاجتماعية التي هرعت إلى مسقط رأس "عم بحة" لإجراء حوارات معه، وعندما رفض الكلام والرد على تلك الاتهامات، أجرت وسائل الإعلام حوارات مع ابن عمه وابنه خالته وصديق الطفولة، وحوارًا أيضًا مع واحد رآه يمشي في الشارع، وأي أحد من "ريحة عم بحة" والسلام.
والأغرب أن هناك من رجال المحاماة من تطوع لرفع دعوى قضائية باسم "عم بحة" الذي قام بالفعل برفع دعوى قضائية ضد رئيس الزمالك "المعزول" بدعوى التشهير به، وأصبح "عم بحة" تريند بفعل إعلام سطحي تافه.
والحمد لله أنه لم يظهر حتى الآن من يطالب بإطلاق اسم "عم بحة" على بطولة الدوري المصري التي توج بها الأهلي، ومن جامايكا إلى عم بحة، يا قلبي لا تحزن.