الكرة التونسية: احتراف زائف وقوانين تجاوزها الزمن

2021-06-08 09:01
وضعية النادي الإفريقي تترجم صعوبات الفرق التونسية (Getty)
Source
+ الخط -

منذ إعلان الاتحاد التونسي لكرة القدم عن حل مجلس إدارة النادي الإفريقي، ودعوة المسؤولين الحاليين والسابقين إلى تكوين هيئة مؤقتة لتسيير شؤون النادي إلى حين عقد عمومية  انتخابية لم تظهر أية مبادرة جديدة لإنقاذ النادي من الوضعية المتأزمة حاليا.

عبدالسلام اليونسي رئيس النادي أصبح يرفض الخروج بحجة عدم وجود البديل، لكن الأهم من ذلك هو أن ما يحدث في الإفريقي كشف حقيقة وضع كرة القدم خاصة والرياضة عامة في تونس. وأصبح النادي الإفريقي الفريق العريق يتخبط في في مشاكل مادية وإدارية وضعته في زاوية ضيقة في ظل عدم الاستقرار الإداري وتراكم الديون.

ويرى متخصصون في القانون الرياضي أن قرار حل هيئة النادي الإفريقي لا يستند إلى شرعية قانونية، ما جعل الرئيس الحالي عبد السلام اليونسي يتمسك بالرئاسة، ويماطل رغم ضغوطات المشجعين. .


شروط الرئيس المعزول للتنحي. 

من المفارقات أن عبدالسلام اليونسي اشترط على كل من يريد خلافته أن يتقدم لتسديد 5 ملايين دولار حجم ديون الإفريقي لفائدة "الفيفا" حتى يسلمه المشعل، مبرزا أنه لا يريد ترك النادي  للمجهول فالوضع الحالي في الإفريقي لا يتحمل  الفراغ لكنه غير مستعد في الآن ذاته للرحيل بعد القيام بتسديد الديون. ومن المفارقات أن "عقلاء وكبار " عائلة الإفريقي والمسؤولين السابقين تخلوا على مهمة إنقاذ الوضع المتردي في النادي، وتولى محمد علي البوغديري المرشح للرئاسة التصدي للرئيس اليونسي، وواجهه ببيانات مطالبا برحيله وترك المجال لمن هو أجدر للرئاسة. 

 قوانين "الهواية" في دور محترف

وبالحديث عن الاحتراف يمكن القول إن ما يطبق في تونس هو احتراف زائف منذ منتصف التسعينيات وهو يتجسد فقط على مستوى عقود اللاعبين والمدربين، لكن القوانين المعتمدة أقل ما يقال عنها إنها قوانين الهواية.

فالأندية الرياضية تحكمها نفس قوانين الجمعيات الخيرية وبالتالي فهي تعود بالنظر للدولة وطالما لم تتحول الأندية إلى شركات خاصة ستبقى تحكمها قوانين الهواية ومجالس الإدارة تضم متطوعين يساهمون بجزء من أموالهم الخاصة دعما للنادي الذي يحبونه.

وفي توضيح لهذه المسألة قال الخبير في القانون الرياضي لدى الاتحاد الدولي لكرة القدم المحامي علي عباس إن القوانين التي تحكم الكرة التونسية تجاوزها الزمن وتحتاج إلى تحديث يتماشى مع العصر. والدليل أزمة النادي الإفريقي الذي غرق في الديون وأصبح عرضة للقرارات التأديبية الصادرة عن الفيفا.

الاستثمار في الأندية غير متاح  حاليا

وتحاول الأندية من خلال المحلات التجارية الخاصة لترويج المستلزمات الرياضية وبيعها للمشجعين من أجل إنعاش خزائنها، فضلا عن ترويج الهواتف المحمولة التي تحمل اسم النادي وتدر عوائد مالية كبيرة، غير أن هذه الخطوات غير كافية لأن الأندية ومنشآتها تابعة للدولة ولم تتحول الأندية إلى مشاريع استثمارية مما يعطل عملية التنمية في النوادي.

وتوضيحا لمسألة تخصيص الأندية وتحويلها إلى مؤسسات استثمارية، يرى خبير القانون الرياضي أن المسألة ليست سهلة قائلا: "من يدافع على فكرة تحويل الأندية إلى شركات تجارية لا يقرأ الواقع، فكل مستثمر يبحث عن الربح لكن للأسف لا تتوفر الملاعب والبنية التحتية الموجودة مهترئة كما لا يوجد نجوم كبار وحقوق البث التلفزي للدوري حصريا لدى الاتحاد التونسي لكرة القدم، وبالتالي من يدافع على الفكرة عليه تهيئة الأرضية أولا. 

50 ألف منتفع من كرة القدم في تونس 
 

هذه الوضعية لا تنطبق على كرة القدم فقط بل على جميع الرياضات الأخرى مثل كرة اليد والسلة والطائرة، وهو وضع عام لكن انعكاساته وخيمة على اللعبة الأكثر شعبية في العالم وهي كرة القدم فليس الإفريقي وحده الذي عانى من العقوبات والمنع من الانتداب بل أيضا النادي الصفاقسي والنادي البنزرتي.

وجرت العادة أن يتطوع أشخاص لتسيير النادي، وفجأة يجد نفسه محاصرا بتراكم الديون فيضطر لتركه تجنبا لتداعيات المحاكم، ثم يتحمل المسؤول البديل "تركة " الديون، وتدخل الأندية في دوامة الشكاوى وغرامات الفيفا بسبب عدم تسوية مستحقات اللاعبين المحترفين. ويعكس الوضع الذي يعيش فيه النادي الإفريقي حال الرياضة التونسية بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص.


وتعتبر كرة القدم اللعبة الشعبية في العالم، ويستفيد منها نحو خمسين ألف شخص فهي توفر موارد رزق لآلاف العائلات كما تلعب دورا في دوران عجلة الاقتصاد بشكل مباشر أو غير مباشر.

شارك: