التونسي المجبري بين المشاكسة والنجومية والشعر المجعد

2022-11-21 11:37
التونسي حنبعل المجبري يخطف الأنظار مع "نسور قرطاج" منذ الوهلة الأولى (Getty)
Source
المصدر
AFP
+ الخط -

يبدو طبيعياً أن يحظى حنبعل المجبري بالشهرة في تشكيلة منتخب تونس المشاركة في كأس العالم قطر 2022، بحكم ارتدائه قميص مانشستر يونايتد الإنجليزي، الذي أعاره في الميركاتو الصيفي الماضي إلى برمنغهام، لكنه أيضاً الأكثر مشاكسة بين زملائه وهي خصال يحملها معه منذ أن كان طفلاً وبقيت معه حتى بعد دفاعه عن الفريق الأول لأحد أعرق الأندية في العالم.

نجم "نسور قرطاج" أثار الجدل بصورة له على إنستغرام وهو يحمل مسدساً في نادٍ للرماية قبل أن يقوم بحذفها؛ بسبب الانتقادات التي وُجهَت له، وبدخوله في مشاجرة مع زميله السابق في يونايتد البرازيلي أليكس تيليس، أظهر التونسي البالغ من العمر 19 عاماً، مدى مشاكسته من دون أن يؤثر ذلك على حجم موهبته وعطائه في أرضية الملعب.

هذه المشاكسة بدأت معه منذ الصغر، وهو ما كشف عنه في تصريحات سابقة اعترف فيها أنه كان الأكثر تعرضاً للعقوبات بين إخوته الثلاثة رغم أنه أصغرهم في عائلة مترابطة نشأ معها في إيفري-سور-سين، إحدى ضواحي العاصمة الفرنسية باريس، وحظي عشقه للعبة كرة القدم بدعم من والده لطفي أستاذ المدرسة ووالدته المعالجة الفيزيائية السابقة.

وبحسب موقع "فوت ذا بول" المتخصّص بأخبار كرة القدم، تميّز حنبعل بذكاء خارق عندما كان طالباً في المدرسة. لقد تعلّم الكتابة والحفظ قبل زملائه في الصف، لكن عندما كبر، فشل في التوفيق بين الدراسة ولعب الكرة، فاضطر لمقاطعة الدراسة واكتفى بتلقي دروس اللغات عن بعد.

تميمة "حنبعل"

اعتاد المجبري أن يتبع شقيقه الأكبر في مباريات كرة القدم ويكون التميمة للفريق. منذ نعومة أظفاره، كان حنبعل عازماً على ممارسة لعبة يعشقها. ومع ذلك، لم تكن كرة القدم شغفه الوحيد، إذ مارس السباحة والشطرنج لتطوير قدراته الفكرية، ما انعكس إيحاباً على قدراته في أرضية الملعب.

حلم المجبري أن يصبح في يوم من الأيام، طبيباً أو محامياً، وهو ما يفسّر حرص والده على استمرار نجله في دراسته، لكن مصدر إلهامه الأول كان أسطورة منتخب فرنسا زين الدين زيدان، الذي يراه حنبعل قدوته، وفي المقام الثاني يأتي الفرنسي الدولي السابق حاتم بن عرفة؛ إذ أسهم هذا الثنائي في تكوين شخصية نجم "نسور قرطاج" على أرض الملعب؛ نظراً لأنهما يشغلان مركزه المفضل، وهو صانع الألعاب.

بعد اختياره اللعب لتونس بدلاً من فرنسا، توجّه حنبعل لإقناع عدد من اللاعبين الذين يحملون الجنسية المزدوجة باختيار "نسور قرطاج"، لأنه يرى أن هذا القرار يمكن أن يفتح لهم أبواب العالمية، وأن يساعدهم في البروز على مستوى مسيرتهم الاحترافية.

أول ما يلاحظه أي شخص في مجبري هو شعره المجعّد، اللاعب نفسه مغرم به للغاية بعد أن اعتمد هذه التسريحة منذ الصغر. لم يقص شعره قط ويرى أن شعره يُعد بمثابة ماركة مسجلة على الرغم من أنه كان سبباً لتعرضه للسخرية من الجمهور المنافس، على غرار ما حصل في مباراة مسابقة كأس إنجلترا للشباب ضد ليدز؛ إذ سخر منه مشجعو الخصم بهتافات "تاهيتي بوب" في إشارة إلى الشخصية الكرتونية الشريرة في مسلسل "ذا سيمبسونز" الأمريكي الشهير.

لكنه رد بأفضل طريقة على السخرية من خلال مساهمته في قيادة يونايتد للفوز بتلك المباراة، وبعد المباراة نشر التونسي صورة لـ"تاهيتي بوب" في صفحته على إنستغرام، مرفقاً إياها بقوله: "تاهيتي بوب، أعترف هناك بعض الشبه. فوز جيد الليلة 1-0 ضد ليدز في كأس إنجلترا للشباب، تأهلنا إلى الدور التالي".

حنبعل المجبري "قدوة"

فاجأ قرار المجبري بتمثيل تونس على حساب موطنه فرنسا الكثير من المتابعين ، لا سيما أنه لعب مع منتخب الديوك تحت 16 و17 عاماً. ومع ذلك، لم يكن هناك أي شك من جانب الشاب حيال البلد الذي يريد تمثيله، أملاً في أن يسمح قراره للأطفال الآخرين الذين يلعبون كرة القدم بأن يكونوا مخلصين لجذورهم.

ترقب لأداء المجبري في كأس العالم

إنَّ ولاءه لجذوره قاده للمساهمة في قيادة تونس إلى نهائي كأس العرب نهاية عام 2021، حيث خسرت أمام الجزائر على الأراضي القطرية التي سيعود إليها "نسور قرطاج" من أجل محاولة تجاوز دور المجموعات لأوّل مرة في سادس مشاركة مونديالية.

وسيكون المجبري واحداً من أسلحة الحسم، بعدما برز سابقاً مع الفئات العمرية لـ"الشياطين الحمر" ولدقائق معدودة في الفريق الأول، حينما منحه المدرب الأسبق للفريق، النرويجي أولي غونار سولشاير، فرصة المشاركة لثماني دقائق بدلاً من الإسباني خوان ماتا، في المباراة التي فاز فيها يونايتد على وولفرهامبتون 2-1 في مايو/ أيار 2021.

أتبع التونسي تلك المباراة باثنتين في الموسم الماضي، إحداهما أمام الغريم التقليدي ليفربول، حين دخل قبل ست دقائق على النهاية، وفريقه متخلف بثلاثية نظيفة، قبل أن يتلقى هدفاً رابعاً.

وخلافاً لزملائه الذين كانوا مستسلمين للنتيجة، أظهر التونسي روحاً قتالية عالية دفعت نجم يونايتد السابق غاري نيفيل، إلى الإشادة به، قائلاً: "لقد تطلب الأمر من طفل صغير وهو حنبعل المجبري، ليأتي ويوضح لكافة اللاعبين في فريقه كيفية الركض للحصول على الكرة والتحدي".

ووجه نيفيل رسالة قاسية إلى نجوم "الشياطين الحمر" بعد الخسارة برباعية نظيفة، قائلاً: "عليكم أن تتعلموا من حنبعل المجبري كيفية الركض.. لم يشأ أن يكتفي بالفرجة مثل بقية زملائه...".

جدير بالذكر أن المجبري سيخوض مع تونس مباريات كأس العالم من المجموعة الرابعة، التي تضم أيضًا منتخبات فرنسا والدنمارك وأستراليا، وستمثل مواجهة الديوك تحديًا خاصًا لنجم "نسور قرطاج" الذي سبق له ارتداء قميص فرنسا في الفئات السنية.

شارك: