أولويّات الأسود.. غرب آسيا وأممها

2023-02-05 11:30
من مشاركة المنتخب العراقي في بطولة كأس الخليج العربي لكرة القدم 25 (Getty)
إياد الصالحي
كاتب رأي
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

في عُرف العمل المشترك بين المدير الفني لأي منتخب في العالم واتحاد كرة القدم، يتم عرض أجندة الأخير الخاصّة بمشاركات متفاوتة الأهميّة سواء إن كانت إقليمية أم قارية أم عالمية، حسب درجة الأهميّة وما تتبعهُ من تغيير في التصنيف الشهري للاتحاد الدولي للعبة، وبالتالي يتم تنظيم شؤون الاستحقاق الكروي حسب ذلك من دون أي تقاطع في العمل، وتبقى رؤية المدير الفني متوافقة مع التزامات الاتحاد بعيدًا عن التنفيذ بالإكراه.

هكذا وضع رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم، عدنان درجال، ملف مشاركة المنتخب العراقي على طاولة اجتماع فني ضمَّ المدير الفني الإسباني خيسوس كاساس من جهة والمدير الفني للمنتخب الأولمبي راضي شنيشل من جهة أخرى؛ لتوضيح حقيقة الموقف الفني من المشاركة في بطولة غرب آسيا 10 التي ستقام في الإمارات خلال شهر مارس/ آذار المقبل، وفحوى منهاج المدرّب تحضيرًا لبطولة كأس أمم آسيا 18 التي تسضيفها دولة قطر هذا العام.

التصوّر الأوّل، أن الاجتماع لم يصل إلى قناعة حاسمة بخصوص مصير كرتنا في بطولة غرب آسيا، فهناك من لا يرى في المشاركة أيّ جدوى ترفع من المستوى الفنّي للمنتخب الذي خرج توّاً من صراع خليجي مُثير أعاد الكأس الغائبة إلى العراق ليُسجّل انتصاره الرابع في تاريخه، واستعاد لقب الزعامة رغم مُعارضة بعضهم لما تحقّق في البصرة على أساس ضُعف المستوى الفني العام للمنافسة؛ بسبب غياب عناصر الخبرة للمنتخبين القطري والسعودي، وأن الطريق نحو التتويج لم يكن وعِراً. 

أما التصوّر الثاني، فهو أن المدرب كاساس تسلّم مسؤوليته فعليّاً أواخر شهر ديسمبر/ كانون الأول 2022، وبالكاد تعرّفَ إلى اللاعبين طوال مدّة بطولة كأس الخليج العربي البالغة مدتها 13 يوماً، فمن المنطقي أن يُضيفَ بطولة غرب آسيا إلى تجربتهِ، ويُعمِّقَ مفاهيمهُ التكتيكيّة مع كرة أسود الرافدين في منافسة إقليمية لا تقلّ أهميّة داخل المنطقة حتى لو لم يفُز بلقبها ثانية بعد اللقب الأوّل عام 2002 بنسختها الثانية المُنظَّمة في العاصمة السورية دمشق. 

سيكون برفقة كاساس أفضل اللاعبين المحلّيين ممَّن يحتاج إلى خبراتهم لدعم توليفته خلال المرحلة الصعبة القادمة، ويمكن أن يستقطبَ بعض اللاعبين الموجودين في الاحتراف إن سمحت أنديتهم بزجّهم، وسيخرج بقناعة جديدة يمكن أن يستدل منها خيار القائمة الأساسيّة مع البدلاء، ويُدشِّن معهم رحلة الوصول إلى مونديال 2026 عبر بوّابة الاستحقاق القارّي، وتصبح فرقة الأسود جاهزة لأي تحدٍّ، وغير مُستَسْلِمة لضياع الوقت بترقّب الانتهاء من مسابقة الدوري الممتاز، وتلك حكاية أخرى.

الدوري العراقي الممتاز اليوم بلا قيمة فنيّة، وشهدت مباراتا القوة الجوية مع الطلبة (1-0) في الجولة 13، والقوة الجوية والزوراء (0-0) في الجولة التالية، أضعف أداء لأغلب اللاعبين، لا سيما الدوليين منهم، رغم خبراتهم وتجاربهم اللافتة دون الآخرين، ما يُدلّل على أن رهان كاساس بمتابعة المنافسة المحليّة لن يُحقّق مُبتغاه، وعليه أن يؤشِّر في حساباته الفنيّة إلى اختيار مجموعة من اللاعبين تتم مراقبتهم قدر المُستطاع، ويتمّ تقييمهم في نهاية كلِّ جولة.

المهم أن لا يعد الإسباني المُثابر بطولة غرب آسيا مُجازفة له بعد تتويجه بالبطولة الخليجيّة، بالعكس ليستثمر الفترة الفاصِلة من الآن حتى انطلاق المسابقة في تهيئة اللاعبين الأكفّاء، وتوظيف الحالة المعنويّة العالية للمنتخب الذي انتشى من النجاح في البصرة بعد فشله المتواصل في إحراز أي لقب منذ كأس آسيا عام 2007. 

لذا نرى وجوب تواصل الأسود في المشاركة الإقليميّة للمحافظة على تاريخ العراق في 8 بطولات سابقة لكأس غرب آسيا من مجموع 9 (لم يُشارك في النسخة الخامسة في إيران للفترة من 1 إلى 15 أغسطس/ آب عام 2008 بسبب حلّ المنتخب الوطني قبل شهر من بدء المنافسة) وهي فرصة جديدة تواصل فيها الكرة العراقية اختبار مكانتها حسب ظروف كل بطولة، وسط منتخبات خليجيّة وآسيويّة مثل الإمارات والبحرين والسعوديّة والكويت وعُمان واليمن والأردن وفلسطين ولبنان وسوريا وتايلاند (الضيف الجديد لهذه المسابقة) كي تستفيد من الأخطاء وتجد المعالجات قبل أن تواجهها في نهائيّات أمم آسيا أو تصفيات كأس العالم.

يأمل جميع العراقيين أن يقفَ المدرّب الأجنبي بثِقة كبيرة، ويُطمئنهم بأن لا تراجعَ لأسود الرافدين عن القمّة فهُم يستحقّون المجد للبقاء فيها، ولا تنازل عنها مهما كان حجم الصعوبات والتضحيات.

شارك: