أساطير كرة القدم والأرقام المقدسة!

2021-07-27 13:56
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

بيليه، مارادونا، بيكنباور، كرويف، بلاتيني، مالديني، قافلة رائعة من الأساطير التي خلدها تاريخ كرة القدم، فما إن تذكر هؤلاء حتى تتبادر أمامك ألوان القميص الذي كانوا يرتدونه في تلك المناسبات الكبيرة التي حققوا فيها قمة المجد.

ولكن ليس فقط القميص الأصفر، الأزرق المخطط بالأبيض وآخر سماوي، البرتقالي، الأزرق الداكن أو الأحمر المخطط بالأسود هو من ميّز هؤلاء وآخرين من كبار النجوم، إذ الصورة "الأسطورية" لا تكتمل إلا بذلك الرقم المطبوع على الظهر (10، 5، 14، 3)، صحيح أنها ذاتها التي تراها على كل اللاعبين في كل المعمورة، ولكن تبقى تلك الأرقام الخالدة هي التي خلدت في الذاكرة.

في الولايات المتحدة الأمريكية حيث لا تشتهر كرة القدم، تم استحداث تقليد مخصص لتخليد كبار النجوم، فظهرت "قاعة المشاهير"، وعند الاعتزال تخلد أندية كرة السلة، الهوكي والبيسبول نجومها في تلك القاعة "المعنوية" لتكون تعبيراً عن الحب والعشق والشكر لهؤلاء الذين بذلوا جهودا مضنية من أجل منح الألقاب لأنديتهم وسط منافسة نارية.
 

مايكل جورادن


تخليد النجوم وحجب الأرقام 

ولكي يبقى هؤلاء النجوم في مكانة تاريخية لا يمكن أن تمحى من الذاكرة، خرجت فكرة حجب الأرقام التي كان يملكها أعضاء قاعة المشاهير، فمثلا قرر شيكاغو بولز إزالة الرقم 23 الخاص بالأسطورة مايكل جوردن ولم يمنح لأحد من بعده.

واعتبر هذا من أعلى مستويات التخليد لتصبح الأرقام المقدسة مقترنة فقط بالأساطير، ولا يجب أن يحملها لاعب آخر، ومن يريد الوصول لتلك المرتبة، فعليه أن يبذل الجهد ويحقق ما أنجزه هؤلاء لكي يصبح على خطاهم.

وفي عالم كرة القدم أخذت الفكرة "الأمريكية" لتصبح منتشرة خصوصا في الأندية، ولعل إي سي ميلان الإيطالي بدأ أولى الخطوات في العام 1997، فقرر حجب الرقم 6 الخاص بالمدافع الأسطوري وقائد الجيل الذهبي، فرانكو باريزي.
 

باولو مالديني وابنه


باريزي ومالديني

بعدها حمل باولو مالديني المشعل وقاد ميلان للعديد من الإنجازات خلال أكثر من عقد، وبعد أن قرر المدافع العتيد الاعتزال، أخذ ميلان نفس القرار وحجب الرقم 3، ووقتها أعلن أدريانو غالياني نائب رئيس النادي وقتها، أن هذا الرقم سيبقى خارج القائمة إلا إذا أتى ابنه للفريق.

كبر الشاب دانييل وبات بعمر الـ19 عاما الآن، وحظي لاعب فريق الشباب بفرصة المشاركة في الفريق الأول خلال الموسمين الماضيين ولعب 7 مباريات فقط، ولكنه حمل الرقم 27، وربما ينتظر هو ووالده أن يصبح لاعبا أساسيا لحمل قميص والده.

ليس ميلان فقط

ولم يكن باريزي ومالديني الوحيدين اللذين حجب رقمهما في الكرة الإيطالية، بل أن إنتر ميلان حجب الرقم 3 أيضا الذي كان يحمله جياشينتو فاكيتي، ارتداه في الفترة من 1961 إلى 1978 بعد أن لعب برقمه المميز طوال 634 مباراة فاز خلالها بالدوري 4 مرات وكأس أوروبا لأبطال الدوري (مرتين) وكأس أمم أوروبا الأولى في تاريخ إيطاليا عام 1968، إضافة لوصافة كأس العالم 1970.

ومن الأرقام الشهيرة التي حجبت في كرة القدم الإيطالية هناك الرقم 6 الذي ارتداه البرازيلي آلداير مع فريق روما، وأيضا الرقم 11 الذي كان يرتديه الشهير جيجي ريفا من فريق كالياري.
 

روبرتو باجيو مع بريشيا


بريشيا وباجيو

وبما أن روبرتو باجيو الذي صنع التاريخ والأمجاد مع يوفنتوس والمنتخب الإيطالي، أنهى حياته في صفوف بريشيا بخوض آخر أربعة مواسم بقميص الفريق الصغير، إلا أن باجيو منحهم الثبات في دوري الأضواء بل وقادهم للعب في كأس الاتحاد الأوروبي موسم 2002/2001، ليتتم مكافأته معنويا بحجب الرقم 10، من الفريق الذي هبط للدرجة الثانية في الموسم التالي لاعتزال باجيو. 

مارادونا بطل نابولي والأرجنتين

ملأ دييغو أرماندو مارادونا عالم كرة القدم بهجة بفضل مهاراته الفائقة وإنجازاته الرائعة مع فريق نابولي الإيطالي ومع منتخب الأرجنتين. لعب سبع سنوات في فريق مدينة الجنوب الإيطالي، ودفعه من كونه فريقا مغمورا وصغيرا، ليصبح أحد عمالقة الكرة الإيطالية.

قادهم للفوز بالدوري (مرتين)، وكأس إيطاليا ولقب كأس الاتحاد الأوروبي، علاوة على ذلك ألحق العديد من الهزائم بفرق القمة يوفنتوس، ميلان وإنتر، وساعد ذلك مارادونا ليكون في مكانة مختلفة لدى سكان المدينة وليس للنادي فحسب.

بعد خروج مارادونا من النادي قرر نابولي حجب الرقم 10 تكريما لدييغو، والعام الماضي غير اسم ملعب "سان باولو التاريخي" إلى ملعب "دييغو مارادونا" تخليدا لذكرى الراحل الكبير.
 

صدمة كبرى عاشها العالم بوفاة مارادونا عام 2020 (Getty)


استثناء ميسي

كان القرار ذاته لدى الاتحاد الأرجنتيني الذي قرر حجب الرقم 10، ليس فقط من الفريق الأول بل في كافة فرق الشباب، ولكن بحسب قوانين FIFA في البطولات والمباريات الرسمية، يجب أن يحمل أعضاء الفريق أرقاما من 1 إلى 23 فقط، وظهر الرقم 10 من جديد في صفوف ألبيسيليستي.

قرار حجب الرقم 10 أثار استياء ماريو كيمبيس، النجم الذي سبق مارادونا في قيادة الأرجنتين للقب كأس العالم عام 1978، حيث رهن وجود الرقم 10 بمصدر القوة والقيادة للفريق، ولم يكن يدرك بعد في ذلك الوقت أن الأرجنتين ستعرف ظهور "أسطورة" تشبه مارادونا بكل شيء.

ظهر ليونيل ميسي بالرقم 19 في كأس العالم ألمانيا 2006 تحت أعين مارادونا، وبعدها منح ميسي الرقم "المارادوني" ومع مرور الوقت بات "ليو" القائد والرمز، وربما مع اعتزاله بعد سنوات قليلة سيتم بالفعل حجب الرقم 10 من جديد.

بيليه وخيبة الأمل

كلما ذكر مارادونا، يذكر بيليه والعكس صحيح، لكن ما حصل عليه دييغو وفعلته الأرجنتين لم يحصل مع بيله ولا البرازيل. إذ لم يحصل "ملك الكرة" بيليه الذي شارك في أربع بطولات من كأس العالم وفاز في ثلاث منها، لم يحصل على ذات التكريم في منتخب "سيليساو".

حمل الرقم 10 لاعبون يمكن القول عن بعضهم إنهم أقل من قميص البرازيل، ولا يمكن مقارنة ريفالدو حامل الرقم 10 في مونديال 2002 بنفس مستوى وقيمة بيليه، وينسحب الأمر حتى على رونالدينيو من بعده في مونديال 2006، فيما لم يثبت نيمار بعد أحقية حمل الرقم 10 وسيكون أمامه مونديال قطر 2022 ليحقق هذا الأمر.

وبخلاف البرازيل وفريق سانتوس، فإن بيليه لقي التكريم فحجب رقمه لكن مع فريق كوزموس الأمريكي الذي لعب له بشكل استعراضي لمدة عامين قبل أن يختم مسيرته الكروية للمرة الثانية.
 

بيليه


نجوم على قائمة الحجب

مضت العديد من الأندية في تكريم نجومها التاريخيين، ففريق آياكس الهولندي قرر حجب الرقم 14 الخاص بالأسطورة يوهان كرويف، وبعد وفاته وضع اسمه على ملعبه آياكس أرينا ليصبح يوهان كرويف آرينا، وهو ما فعله برشلونة الذي سمى الملعب رقم 1 في مدينته الرياضية باسم يوهان كرويف، صانع أمجاده وقائد فريق أحلامه.

أما كولن الألماني فقرر تكريم النجم لوكاس بودولسكي وحجب الرقم 10 نظير الإنجازات التي حققها لوكاس مع منتخب ألمانيا، أما شالكه فقرر حجب الرقم 7 تكريما للنجم الإسباني راؤول غونزاليس الذي لعب مواسم قليلة وهو ما لم يفعله ريال مدريد الذي تذوق حلاوة الكثير من الألقاب بفضل راؤول.

أما بوشكاش قائد منتخب المجر التاريخي فقد قرر نادي هنوفيد بودابست للشباب حجب الرقم 10 من صفوفه بعد وفاة الراحل الكبير عام 2006، أما هنريك لارسون الذي برع مع منتخب السويد، فقد لقي تكريمه بحجل الرقم 17 من فريق هلسينغبورغ.
 

يوهان كرويف

تكريم الراحلين

لم يكن حجب الأرقام مقرونا فقط بقيمة الإنجازات التي حققها اللاعبون في تاريخهم الكروي، بل كانت المآسي أيضا سببا في قرارات الأندية لحجب بعض الأرقام للاعبين وافتهم المنية بشكل مفاجئ.

خلال بطولة كأس القارات فرنسا 2003 سقط الكاميروني مرك فيفيان فوييه على أرض الملعب، وفارق الحياة بعد ذلك، وتكريما للراحل حجب رقم 17 من فريق لانس وليون الفرنسيين، والرقم 23 من فريق مانشستر سيتي الإنجليزي.

الأمر ذاته حصل مع أندية كييفو فيرونا وبريشيا وإشبيلية وبرشلونة التي لم تعد تستخدم الأرقام 30 و13 و16 و21 تكريماً لللاعبين الكونغولي جيسون مايلي والمدافع الإيطالي فيتوريو ميرو والإسبانيين أنطونيو بويرتا وداني خاركي.
 

محمد صلاح رقم 11 مع ليفربول


هل يحجب المزيد لاحقا؟

غابت هذه العادة الحميدة عن الساحة الكروية العالمية، ولكن بما أننا على مشارف نهاية حقبة ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو، خلال 4-5 سنوات ومن بعدهما النجم المصري محمد صلاح ونجوم رائعون آخرون أمثال لوكا مودريتش وجيجي بوفون وكيلليني وبونوتشي.

هل ستقوم أنديتهم أو منتخباتهم الوطنية بحجب أرقامهم تكريما لما قدموه من إنجازات على الصعيدين النادي والدولي?، الإجابة ستعرف مع موعد الاعتزال بكل تأكيد.

شارك: