فيتامين "واو"

تحديثات مباشرة
Off
2023-04-11 22:51
تفسد المحسوبيات مجتمعات بأكملها وخاصة الوسط الرياضي (winwin)
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

"فيتامين و".. "مدعوم".. "هذا من خاصة فلان"..؛ تعابير نسمعها كثيرا في أوساط يلجأ فيها الفساد والمحسوبية إلى خطط هجومية بحتة، ضد فرق أو مجتمعات متهالكة دفاعيا، مرهقة ماليا، ومهزومة إداريا.

عادةً تتلاشى عيوب الرياضات الجماعية في سبيل تحقيق أهداف مشتركة، ولا أقصد بـ "عادةً" أنها النسبة الأكبر، ولكن الأكثر منطقية؛ فجميع اللاعبين على الطريق نفسه، والتعاون سبيلهم الوحيد للوصول إلى الهدف، أما المدربون فهم يعاملون كل لاعب بإنصاف بالقدر ذاته من التفاني والدعم.

تفانٍ ودعم! كلمتان أُسقِطَتا من معجم الرياضيين أو ملاحيي دفّتهم من مسؤولين وداعمين؛ ذلك أنَّ المحسوبية الرياضية أفسدت الحال، من أدنى المستويات في المراحل الابتدائية حتى البطولات الكبرى، ولا ينحصر الحديث عن بلداننا فحسب، بل في جميع أنحاء العالم.

تتمثل وظيفة المدرب في الإرشاد الرياضي وتعليمه مهارات القيادة والثقة والاحترام، وإعطاء فرص متساوية لجميع اللاعبين. ومع ذلك في عالم حشرت فيه السياسة أنفها في قضايا الرياضيين، نجد مدربين يفضّلون لاعبين أكثر من غيرهم لاعتبارات عدة.. ليست المحسوبية أولها، ولكنها أخطرها.

مقالات أخرى للكاتب

وجوه مألوفة


عادةً ما يلجأ المدربون لاختيار لاعبين شاركوا معهم في الفريق أو النادي نفسه أو في فترات سابقة، ويميل المدربون لاختيار وجوه مألوفة لإنجاز المهمة بشكل أسرع ودرجة خطورة أقل، ودون التفكير في مهارات قد يترجمها لاعبون جدد.

وليست المحسوبية هي السبب هاهنا، ولا يمكن أن نسمّيها "فيتامين و"، أو نقول "يلعب لأنه من خاصة المدرب"، فالمشكلة أعمق من ذلك؛ إذ ربما تكون بسبب ضغط كبير على المدرب لتحسين الأداء في وقت قصير جدا، أو ترهلات إدارية سبّبت ميولا خفيا لمحاربين قدماء، أو ضعف وكسل من المدرب نفسه فضّل بسببهما اللجوء لأسماء يألفها، أو... إلخ.

مجاملات

عادة يلجأ اللاعبون الشبان -تحديدا- وبدعم أحيانا من أوليائهم إلى جذب انتباه مدربيهم بطرق عدة؛ كشراء هدايا أو اللجوء إلى المجاملات أو مساعدة المدرب في أمر ما. المشكلة هنا أن أغلب الرياضيين يميلون إلى إرضاء مدربيهم بشتى الطرق بدلا من البحث عن فريق آخر أو فرصة أفضل، وهذا ما قد يفسد العلاقات بين الرياضيين، بخلق صراعات وتوترات تحوّل انتباههم إلى تفاصيل تبتعد عن الرياضة تماما.

ما يجب أن يركّز عليه الرياضيون هو أن يكونوا لاعبين مؤثرين في فرقهم وأداء الفريق العام بدلاً من القلق حول ما يشعر به المدرب تجاههم. لا يمكن لومهم أو اعتبار ذلك محسوبيات، فهذا تصرف بشري طبيعي ترتفع وتيرته وتقل حسب الظروف المحيطة، ولا ينجو منه إلا "صاحب الأخلاق الرفيعة".

محسوبيات

هنا لبّ القصيد.. في سنة خلت من القرن الماضي، تساءلتُ عن سبب وجود لاعب في مباراة حاسمة لمنتخبنا الوطني، يجيد إضاعة الفرص أكثر من استغلالها، وبعد كل مأساة يرتكبها، يكشّر وجهه ويلقي باللوم عمن حوله، متّهما الكل بالفشل.. لم أتلقّ جوابا حينها إلا تمتمات بأنه لا يُعرف ابن من هذا! 

ربما هذا ما يطلق عليه "محسوبية رياضية" إنه مصطلح يشير إلى مفهوم عميق يصعب فهم فاعليه؛ فعلى سبيل المثال، أن تكشف مهندسا حصل على شهادته بالمحسوبية؛ فهي مهمة قد تستغرق أشهرا، أما أن تكشف رياضيا بالمحسوبية، فلن يأخذ الأمر من وقتك إلا ثوان.. كيف يجرؤ هؤلاء على إدخال فشلة رياضيين في مواقع حساسة بالمنتخبات الوطنية؟ لماذا يضحّون بمستقبل أطفال، لربما برعوا في تجارة أو حدادة أو صحافة...إلخ؛ "لا لا، ولدي لن يكون إلا لاعبا محترفا، وليكن ما يكن!".

مقالات أخرى للكاتب

عواقب المحسوبيات

نورمان تشاد، كاتب رياضي شهير في صحيفة واشنطن بوست قال مرة: "المهارة يمكن أن تساعدك على قطع مشوار طويل، لكن لا شيء يفوق تعيينك في منصب من قبل والدك".

المحسوبية تربك اللاعبين، وتجعلهم يفكرون مرارا بأهليتهم لممارسة الرياضة، وهو ما يزيد من حدة التوتر والضغط عليهم، يحتاج أي لاعب لدعم وتشجيع لتحقيق شيء ما، وهو ما لا يكون إلا بدعم مسؤولين أو مدربين أَكْفَاء. تؤدّي المحسوبية إلى خسائر جمّة في صفوف جميع الأطراف، من صاحب الـ "فيتامين و" نفسه إلى المدرب وصولا إلى لاعبين آخرين أو المؤسسة ككل، متسببة بآثار طويلة المدى؛ مثل تراجع المستوى الرياضي العام وتدني احترام الذات وقضايا نفسية معقدة.

سواء أكان في حياة الرياضيين مدرب من ذوي المحسوبية أو زميل يملك الـ "فيتامين و"، فلا ينبغي أن يقع الرياضي ضحية الرفض أو التوتر داخل الفريق. يجب أن يرفع من ثقته بنفسه، ويعمل بجد مع زملائه، ويتعلم معنى التضحية الحقيقي، حينها ووسط المواقف الصعبة (المحسوبيات) سيجد الرياضي نفسه في مكان أفضل مع فريقه أو فريق آخر.

شارك: