روعة التليلي والألعاب البارالمبية.. امرأة من ذهب تواصل صنع العجب
خطفت روعة التليلي أسطورة تونس في الألعاب البارالمبية، الأضواء، كما كان متوقعًا في نسخة باريس 2024، التي أقيمت في الفترة الممتدة من 28 أغسطس/ آب وحتى 8 سبتمبر/ أيلول الجاري، لترسّخ لقبها كـ"رياضية من ذهب استأثرت واحتكرت صنع العجب".
ولم تكن الجماهير التونسية متفاجئة ممّا تحقق بساعدي "الأيقونة الناعمة"، عطفًا على صولاتها وجولاتها في مضامير ألعاب القوى في فئة الـF41, والتي حصدت فيها على مدار تاريخها حتى الآن 17 لقبًا دوليًا وقاريًا و21 ميدالية.
وكانت روعة التليلي في باريس على موعد متجدّد مع الذهب البارالمبي، الذي بات يناديها في كل دورة، كيف لا وهي التي لم تنقطع عن ملامسته منذ أول مشاركة لها في بارالمبياد بيكين الصينية عام 2008.
مسيرة روعة التليلي تحاكي عظماء الرياضة
تمتلك ابنة مدينة قفصة المنتمية إلى الجنوب الغربي التونسي، تاريخًا باهرًا في الألعاب البارالمبية يضاهي ما حققه أعظم الرياضيين على سطح المعمورة، نجحت من خلاله وبفضل جهودها وموهبتها في وضع بلادها في مكانة مرموقة على خارطة المتوجين في هذا المحفل الرياضي الضخم.
بـ10 ميداليات بارالمبية منها ثمانية كاملة من عيار الذهب وفضيّتين، و10 ميداليات أخرى في بطولة العالم (8 ذهبيات وفضيتان أيضًا)، ولقب أفريقي وحيد، تصنّف صاحبة الـ34 عامًا، إحدى أهم وأشهر الرياضيات في تاريخ الألعاب البارالمبية، بل وتضاهي إنجازاتها عظماء أفذاذ في الرياضة، حتى ممّن لا يصنّفون ضمن خانة "الاحتياجات الخاصة"، على غرار السباح الأمريكي مايكل فيلبس أو العداء الجامايكي أوسين بولت وغيرهم من المشاهير الذين خطّوا مسيراتهم بأحرف من ذهب.
باريس 2024 موعد جديد لتكريس الهيمنة
بعد أولمبياد باريس الذي حصدت فيه تونس ثلاث ميداليات (ذهبية وفضية وبرونزية)، دخلت روعة التليلي النسخة البارالمبية بحوافز جمّة لتكريس هيمنتها على أعلى هرم "البوديوم البارالمبي"، وتوطيد علاقتها الضاربة مع المعدن النفيس.
مستلهمة مقولة مواطنها و"شاعر الوطن" أبو القاسم الشابي "من يتهيّب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر"، تسلّحت صاحبة القامة البالغة 133 سنتيمترًا فقط والوزن البالغ 51 كيلوغرامًا لا أكثر، برصيد مثير للإعجاب من الشجاعة والثقة بالنفس، لتمنح راية النجمة والهلال ميداليتين جديدتين في باريس التي صدحت فيها بكلمات "حماة الحمى" في مناسبتين من جملة خمس مرات بفضل "روعة تونس".
قيادة الركب اختصاص لـ"روعة تونس"
اعتادت روعة التليلي على قيادة ركب المتوجين التونسيين الذي بلغ حصادهم البارالمبي 114 ميدالية كاملة، إذ تشعر بأنّ رصيد تونس في بارالمبياد باريس كان يترقب إلهام روعة حتى يمرّ إلى السرعة القصوى، التي مكنته في نهاية المنافسات من حصد 11 ميدالية (5 ذهبيات و3 فضيات و3 برونزيات) واحتلال الوصافة العربية بعد الجزائر.
في الثلاثين من أغسطس، حصدت ابنة قرطاج في فئة F41" ذهبية دفع الجلة بمسافة قدرت بـ10 أمتار و40 سنتيمترًا، قبل أن تعود في الرابع من سبتمبر الجاري لخطف المعدن الأصفر مجددًا من خلال تزعمها لمنافسات رمي القرص برمية قياسية هي الأفضل لها شخصيًا هذا الموسم قدّرت بـ36 مترًا و55 سنتيمترًا.
إنجازا روعة التليلي حفّزا بشكل غير مباشر ممثلي البعثة التونسية إلى باريس، الذين زادو غلة بلادهم عبر 3 ميداليات أخرى ذهبية عبر مروة براهمي وأمان الله التيساوي ووجدي بوكيلي، علاوة على 3 فضيات بفضل أحمد بن مصباح ووليد كتيلة ورؤي جبابلي و3 برونزيات بتوقيع التيساوي والجبابلي مجددًا ورجاء الجبالي.
كتلخيص يمكن تثمين حيازة أي وفد أو منتخب أو فريق لاسم من طينة الكبار لديه المهارات القيادية والتحفيزية للدفع نحو الأمام، لكنّ السؤال المقترن بفتح الآفاق هنا، هل قدّمت تونس شيئًا لروعة التليلي وأمثالها مقابل إنجازاتهم؟ سؤال غير بريء والإجابة عنه تبقى دومًا في حكم "المسكوت عنه"!